responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 4  صفحه : 373
مِنْهَا فَحَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ يُبْطِلُ فَائِدَةَ قوله تعالى ليتفقهوا في الدين فَثَبَتَ أَنَّ الَّتِي تَتَفَقَّهُ هِيَ الطَّائِفَةُ النَّافِرَةُ مِنْ الْفِرْقَةِ الْمُقِيمَةِ فِي بَلَدِهَا وَتُنْذِرُ قَوْمَهَا إذَا رَجَعَتْ إلَيْهَا وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى وُجُوبِ طَلَبِ الْعِلْمِ وَأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ لِمَا تَضَمَّنَتْ مِنْ الْأَمْرِ بِنَفْرِ الطَّائِفَةِ مِنْ الْفِرْقَةِ لِلتَّفَقُّهِ وَأَمْرِ الْبَاقِينَ بِالْقُعُودِ لِقَوْلِهِ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً
وَقَدْ رَوَى زِيَادُ بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ
وَهَذَا عِنْدَنَا يَنْصَرِفُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا طَلَبُ الْعِلْمِ فِيمَا يُبْتَلَى بِهِ الْإِنْسَانُ مِنْ أُمُورِ دِينِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَهُ مِثْلُ مَنْ لَا يَعْرِفُ حُدُودَ الصَّلَاةِ وَفُرُوضَهَا وَحُضُورَ وَقْتِهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَهَا وَمِثْلُ مَنْ مَلَكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا وَكَذَلِكَ الصَّوْمُ وَالْحَجُّ وَسَائِرُ الْفُرُوضِ وَالْمَعْنَى الْآخَرُ أَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إلَّا أَنَّهُ عَلَى الْكِفَايَةِ إذَا قَامَ بِهِ بَعْضُهُمْ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى لُزُومِ خَبَرِ الْوَاحِدِ فِي أُمُورِ الدِّيَانَاتِ الَّتِي لَا تَلْزَمُ الْكَافَّةَ وَلَا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ الطَّائِفَةَ لَمَّا كَانَتْ مَأْمُورَةً بِالْإِنْذَارِ انْتَظَمَ فَحْوَاهُ الدَّلَالَةَ عَلَيْهِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْإِنْذَارَ يَقْتَضِي فِعْلَ الْمَأْمُورِ بِهِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ إنْذَارًا وَالثَّانِي أَمْرُهُ إيَّانَا بِالْحَذَرِ عِنْدَ إنْذَارِ الطَّائِفَةِ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى لَعَلَّهُمْ يحذرون مَعْنَاهُ لِيَحْذَرُوا وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ لُزُومَ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لِأَنَّ الطَّائِفَةَ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَقَدْ رُوِيَ فِي تَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى وَلْيَشْهَدْ عذابهما طائفة من المؤمنين أَنَّهُ أَرَادَ وَاحِدًا وَقَالَ تَعَالَى وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا وَلَا خِلَافَ أَنَّ الِاثْنَيْنِ إذَا اقْتَتَلَا كَانَا مُرَادَيْنِ بِحُكْمِ الْآيَةِ وَلِأَنَّ الطَّائِفَةَ فِي اللُّغَةِ كَقَوْلِك الْبَعْضُ وَالْقِطْعَةُ مِنْ الشَّيْءِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الْوَاحِدِ فَكَانَ قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ منهم طائفة بِمَنْزِلَتِهِ لَوْ قَالَ بَعْضُهَا أَوْ شَيْءٌ مِنْهَا فَدَلَالَةُ الْآيَةِ ظَاهِرَةٌ فِي وُجُوبِ قَبُولِ الْخَبَرِ الْمُقَصِّرِ عَنْ إيجَابِ الْعِلْمِ وَإِنْ كَانَ التَّأْوِيلُ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الطَّائِفَةَ النَّافِرَةَ إنَّمَا تَنْفِرُ مِنْ الْمَدِينَةِ وَاَلَّتِي تَتَفَقَّهُ إنَّمَا هِيَ الْقَاعِدَةُ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَلَالَتُهَا أَيْضًا قَائِمَةٌ فِي لُزُومِ قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ لِأَنَّ النَّافِرَةَ إذَا رَجَعَتْ أنذرتها التي لم تنفر وأخبرتها بِمَا نَزَلَ مِنْ الْأَحْكَامِ وَهِيَ تَدُلُّ أَيْضًا عَلَى لُزُومِ قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ بِالْمَدِينَةٍ مَعَ كَوْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا لِإِيجَابِهَا الْحَذَرَ عَلَى السَّامِعِينَ بِنِذَارَةِ الْقَاعِدِينَ
قَوْله تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة خَصَّ الْأَمْرَ بِالْقِتَالِ لِلَّذِينَ يَلُونَهُمْ مِنْ الْكُفَّارِ وَقَالَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ فَاقْتُلُوا

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 4  صفحه : 373
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست